للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وربّ يوم يكون الغمّ أوّله ... وعند آخره روحا وريحانا

ما ضقت ذرعا بغمّ عند حادثة ... إلاّ ولي فرج قد حلّ أو حانا

٣٣٧ - وقال الحسن بن يحيى الكاتب: لقيت محمّد بن العلوي الحمّاني بعد خلاصه من حبس الموفّق (١) فهنّأته بالسّلامة، وقلت: قد عدت إلى وطنك الذي تألفه، وإخوانك الذين تحبّهم. فقال: يا أبا علي، وكيف!؟ وقد ذهب الأتراب والأصحاب والشّباب، ثمّ أنشد:

هبني بقيت على الأيّام والأبد ... ونلت ما شئت من مال ومن ولد

من لي برؤية من قد كنت آلفه ... وبالشّباب الذي ولّى ولم يعد

٣٣٨ - وقال الشّيخ عمر ابن الشّحنة: كنت آوي إلى كوخ أيّام محبسي بقلعة الموصل، فسمعت حمامة تهتف في أعلى ذلك الموضع، وعارضني عارض وجدت معه راحة بالبكاء، فقلت لله درّ غيلان (٢) كأنّما أوحي إليه حيث يقول (٣):

لعلّ انحدار الدّمع يعقب راحة ... من الوجد، أو يشفي نجيّ البلابل (٤)


(١) الموفق بالله طلحة بن جعفر المتوكل على الله بن المعتصم، أمير من رجال السياسة والإدارة والحزم، لم يل الخلافة اسما، ولكنه تولاّها فعلا، ابتدأت حياته العملية بتولي أخيه المعتمد على الله الخلافة سنة ٢٥٦، وآلت إليه ولاية العهد، وظهر ضعف المعتمد عن القيام بأعباء الدولة فنهض بها الموفق. كان شجاعا موفقا عادلا عالما بالأدب والأنساب والقضاء، توفي في أيام المعتمد حوالي سنة ٢٧٨ هـ‍. الأعلام.
(٢) غيلان بن عقبة، أبو الحارث المعروف بذي الرمة أحد عشاق العرب المشهورين بذلك، من فحول الطبقة الثانية في عصره، كان شديد القصر، دميما أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال، توفي سنة ١١٧ هـ‍ وفيات الأعيان ٤/ ١١، الأعلام.
(٣) الديوان ٢/ ١٣٣٣، من قصيدة مطلعها:
خليليّ عوجا من صدور الرّواحل ... بجمهور حزوى فابكيا في المنازل
(٤) قال شارح الديوان، النجيّ: ما يتحدّث به في نفسه. والبلابل: أن تجد حسّا في نفسك. وجاء في الهامش: في (ق): والبلابل: الهموم في الصدر.

<<  <   >  >>