للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فتمايلت، وتحرّكت أغصانها، فقال له عديّ: أيّها الملك، أبيت اللّعن، أتدري ما تقول هذه الشّجرة؟ قال: وما تقول؟ قال: تقول (١):

ربّ شرّاب أناخوا حولنا ... يمزجون الخمر بالماء الزّلال

والأباريق عليها فدم (٢) ... وعتاق الخيل تردي بالجلال

ثمّ أضحوا عصف الدّهر بهم ... وكذاك الدّهر حال بعد حال (٣)

قال: فبكى النّعمان وتنغّص عليه يومه.

٦٣٩ - وقيل: لما حجّ الرّشيد، بينما هو سائر وهو على هودجه إذ وقعت عينه على بهلول مع المشاة، فاستدعى به، وقال: يا بهلول، تشهّى وتمنّى.

فقال: على من؟ قال: عليّ. قال: تغفر لي؟ قال: لا قدرة لي على ذلك، ولا هو في وسعي، ولا في طوقي. قال: فهب لي العافية. قال: ولا قدرة لي على ذلك. قال بهلول: ما في الآخرة شيء أفضل من المغفرة، ولا في الدّنيا شيء أفضل من العافية، ولا أجلّ، وإذا لم تقدر عليهما فأيّ شيء أتمنّى؟ قال:

تمنّ أن أعطيك وأقطعك. قال: كلانا في خرابة واحدة. وتركه وانصرف.

٦٤٠ - وقال جبرائيل لآدم: قل اللهمّ هب لي العافية كي تهنّئني بالمعيشة، واختم لي بالمغفرة حتّى لا تضرّني الذّنوب.

٦٤١ - وقيل: صار المغيرة بن شعبة وهو والي الكوفة إلى دير هند بنت النّعمان بن المنذر (٤) وهي عمياء مترهّبة، فاستأذن عليها، فقيل: أمير هذه


(١) ديوان عدي بن زيد العبادي (٨٢) من قصيدة مطلعها:
من رآنا فليحدّث نفسه ... أنّه موف على قرن زوال
(٢) فدم: جمع فدام، وهو ما يوضع في فم الإبريق لتصفية ما فيه من شراب.
(٣) في مصادر الخبر: حالا.
٦٤١ - الكامل ٢/ ٥٨٤، وانظر الخبر بنحوه في مسالك الأبصار ١/ ٣٢٥، والأغاني ٢/ ١٣١، والديارات ١٥٨.
(٤) دير هند بالحيرة، ذكر ياقوت في معجم البلدان ٢/ ٥٤١ أن كسرى قد غضب على-

<<  <   >  >>