وما له فى خلقه من الغايات المحمودة المطلوبة له سبحانه التى يفعل لأَجلها ويأْمر لأَجلها، فحافظت على القدر وجحدت الحكمة، وهؤلاءِ هم النفاة للتعليل والأَسباب والقوى والطبائع فى المخلوقات، فعندهم لا يفعل لشيء ولا لأجل شيء، وليس فى القرآن عندهم لام تعليل ولا باءُ تسبب، وكل لام توهم التعليل فهى عندهم لام العاقبة وكل باءٍ تشعر بالتسبب فهى عندهم باءُ المصاحبة وهؤلاء سلطوا نفاة القدر عليهم [بما نفوه من الحكمه والتعليل والأسباب فاستطالوا عليهم بذلك] ، ووجدوا مقالاً واسعاً بالشناعة فقالوا وشنعوا، ولعمر والله إنهم لمحقون فى أَكثر ما شنعوا عليهم به، إِذ نفى الحكمة والتعليل والأَسباب له لوازم فى غاية الشناعة، والتزامها بمكابرة ظاهرة لعامة [عند عامة] العقلاءِ.
والطائفة الثالثة أقرت بحكمته أثبتت الأَسباب والعلل والغايات فى أَفعاله وأَحكامه، وجحدت كمال قدرته، فنفت قدرته على شطر العالم وهو أَشرف ما فيه من أَفعال الملائكة والجن والإِنس وطاعاتهم، بل عندهم [هذه] كلها لا تدخل تحت مقدوره [تعالى] ، ولا يوصف بالقدرة عليها ولا هى داخلة تحت مشيئته ولا ملكه، وليس فى مقدوره عندهم أَن يجعل المؤمن مؤمناً والمصلى مصلياً والموفق موفقاً، بل هو الذى [جعل] نفسه كذلك. وعندهم أَن أَفعال العباد من الملائكة والجن والإِنس كانت بغير مشيئته واختياره فتعالى الله عن [قولهم] ، وهؤلاءِ سلطوا عليهم نفاة الحكمة والتعليل والأَسباب فمزقوهم كل ممزق ووجدوا طريقاً وسيعاً إلى الشناعة عليهم، وأَبدوا تناقضهم فقالوا وشنعوا، ورموهم بكل داهية. أو نفى قدرة الرب [تعالى] على شطر المملكة له لوازم فى غاية الشناعة والقبح والفساد، والتزامها مكابرة ظاهرة عند عامة العقلاءِ، ونفى التزامها تناقض بين، فصاروا بذلك بين التناقض- وهو أحسن حالهم- وبين التزام تلك العظائم التى تخرج عن الإِيمان، كما كان نفاة الحكمة والأَسباب والغايات كذلك.
فهدى الله الطائفة الرابعة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاءُ إلى