بين يديه.
الخامس: إرادته من عبده تكميل مقام الذل والانكسار، فإنه متى شهد صلاحه واستقامته شمخ بأنفه وظن أنه وأنه.. فإذا ابتلاه بالذنب تصاغرت عنده نفسه وذلّ وتيقن وتمنى أنه وأنه.
السادس: تعريفه بحقيقة نفسه وأنها الخطائة الجاهلة، وأن كل ما فيها من علم أو عمل أو خير فمن الله منَّ به عليه لا من نفسه.
السابع: تعريفه عبده سعة حلمه وكرمه فى ستره عليه، فإنه لو شاء لعاجله على الذنب ولهتكه بين عباده فلم يصف له معهم عيش.
الثامن: تعريفه أنه لا طريق إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته.
التاسع: تعريفه كرمه فى قبول توبته ومعرفته له على ظلمه وإساءَته.
العاشر: إقامة الحجة على عبده، فإن له عليه الحجة البالغة، فإن عذبته فبعدله وببعض حقه عليه بل اليسير منه.
الحادى عشر: أن يعامل عباده فى إساءتهم إليه وزلاتهم معه بما يجب أن يعامله الله به، فإن الجزاء من جنس العمل، فيعمل فى ذنوب الخلق معه ما يحب أن يصنعه الله بذنوبه.
الثانى عشر: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمره الله فيهم، فيقيم أمر فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم.
الثالث عشر: أن يخلع صولة الطاعة والإحسان من قلبه، فتتبدل برقة ورأفة ورحمة.
الرابع عشر: أن يعريه من رداءِ العجب بعمله كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "لَوْ لَمْ تُذّنِبُوا لَخِفْتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَشدُّ مِنْهُ، العَجَبَ"، أو كما قال.
الخامس عشر: أن يعريه من لباس الإدلال الذى يصلح للملوك ويلبسه لباس الذل الذى لا يليق بالعبد سواه.
السادس عشر: أن يستخرج من قلبه عبوديته بالخوف والخشية وتوابعهما من البكاء والإشفاق والندم.
السابع عشر: أن يعرف مقداره مع معافاته وفضله فى توفيقه وعصمته، فإن من تربى فى العافية لا يعرف ما يقاسيه المبتلى ولا يعرف مقدار العافية.
الثامن عشر: أن يستخرج منه محبته وشكره لربه إذا تاب إليه ورجع إليه، فإن الله يحبه ويوجب له بهذه التوبة مزيد محبة وشكر ورضا لا يحصل بدون التوبة وإن كان يحصل توبة بغيرها من الطاعات أثر آخر، لكن هذا الأثر الخاص لا يحصل إلا بالتوبة.
التاسع عشر: أنه إذا شهد إساءته وظلمه، واستكثر القليل من نعمة الله لعلمه بأن الواصل إليه منها كثير على مسيء مثله، فاستقل الكثير من عمله لعلمه بأن الذى يصلح له أن يغسل به نجاسته وذنوبه أضعاف أضعاف ما يفعله، فهو دائماً مستقل لعلمه كائناً ما كان، ولو لم يكن فى فوائد الذنب وحكمه إلا هذا وحده لكان كافياً.
العشرون: أنه يوجب له التيقظ