للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلف فى الضعفين، فقيل: ضعفا الشيء مثلاه زائداً عليه وضعفه مثله، وقيل: ضعفه مثلاه [ضعفاء] ثلاثة أمثاله، وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفاً زاد مثلاً. والذى حمل هذا القائل [على] ذلك فراره من استواءِ دلالة المفرد والتثنية، فإنه رأى ضعف الشيء هو مثله الزائد عليه، فإذا [ضم] إلى المثل صار مثلين، وهما الضعف. فلو قيل: لها ضعفان لم يكن فرق بين المفرد والمثنى، فالضعفان عنده مثلان مضافان إلى الأصل، ويلزم من هذا أن يكون ثلاثة أضعافه أمثال مضافة إلى الأصل [هكذا ابداً والصواب أن الضعفين هى المثلان فقط الأصل ومثله] . وعليه يدل قوله تعالى: {فآتَتْ أُكُلهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: ٢٦٥] ، أى مثلين، وقوله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠] ، أى مثلين، ولهذا قال فى الحسنات: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: ٣١] ، وأما ما توهموه من استواءِ دلالة المفرد والتثنية فوهم منشؤه ظن أن الضعف هو المثل مع الأصل وليس كذلك، بل المثل له اعتباران: إن اعتبر وحده فهو ضعف، وإن اعتبر مع نظيره فهما ضعفان. والله أعلم.

واختلف فى رافع قوله: "فَطَل" فقيل: هو مبتدأٌ خبره محذوف أى وطله يكفيها، وقيل: فى "أصَابَهَا" إما أن يرجع إلى الجنة أو إلى الربوة وهما متلازمان. ثم قال تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُم أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فأَصَابَها إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: ٢٦٦] ، قال الحسن: هذا مثلٌ قلَّ والله من يعقله من الناس، شيخ كبير ضعف جسمه وكثر صبيانه أفقر ما كان إلى جنته، وإن أحدكم والله أفقر ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا.

وفى صحيح البخارى عن عبيد بن عمير قال: سأل عمر يوماً أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: فيم هم يرون هذه الآيات نزلت: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّنْ نَخِيلٍ} [البقرة: ٢٦٦] الآية؟ قالوا: الله أعلم، فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عباس: فى نفسى منها شيء يا أمير المؤمنين، فقال عمر: قم يا ابن أخى ولا تحقر بنفسك. قال ابن عباس: ضربت مثلاً لعمل. قال عمر: أى عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر: لرجل

<<  <   >  >>