خلق الله الخلق كلهم بقدر، وخلق الخير والشر، فخير الخير السعادة وشر الشر الشقاوة.
وفى صحيح مسلم عن أَبى الأسود الدؤلى قال: قال لى عمران بن حصين: أَرأَيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون، أَشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق، أَو فيما يستقبلون ممن أَتاهم به نبيهم وثبتت به الحجة؟ قال: قلت: لا، بل فيما قضى عليهم ومضى قال: أَفيكون ذلك ظلماً؟ قال: ففزعت فزعاً شديداً، وقلت: إِنه ليس شيء إِلا خلقه وملكه: {وَلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: ٢٣] ، فقال: سددك الله إِنما سَألتك لأُحرز عقلك. إن رجلاً من مزينة- أَو جهينة- أَتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أَرأَيت ما يعمل الناس ويتكادحون فيه، أشيء قضى عليهم ومضى، أو فيما يستقبلون مما أَتاهم به نبيهم؟ قال: فيما قضى عليهم ومضى. فقال الرجل: ففيم العمل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان خلقه الله لإِحدى المنزلتين فسيستعمله لها"، وتصديق ذلك فى كتاب الله عَزَّ وجَلَّ:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَألْهَمَهَا فُجُ ورَهَا وَتَقْوَاهَا}[الشمس: ٧- ٨] ، وقال مجاهد فى قوله تعالى:{إِنَنِّى أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُون}[البقرة: ٣٠] ، قال: علم إِبليس المعصية وخلقه لها. وقال تعالى:{فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ}[الأعراف: ٣٠] ، قال ابن عباس: إِن الله سبحانه بدأَ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً ثم قال: {هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِن}[التغابن: ٢] ، ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأَ خلقهم مؤمن وكافر. وقال سعيد بن جبير: عن ابن عباس فى قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}[الأنفال: ٢٤] ، قال: يحول بين المؤمن والكفر ومعاصى الله، ويجول بين الكافر والإِيمان وطاعة الله. وقال ابن عباس ومالك وجماعة من السَلَف فى قوله تعالى:{وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}[هود: ١١٨- ١١٩] ، قالوا: خلق أَهل الرحمة للرحمة، وأَهل الاختلاف للاختلاف. وقال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة: ٢٥٣ {وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا كُلّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة:١٣] ، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}[يونس: ٩٩] ، {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَي}[الأنعام: ٣٥] ، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}[الأنعام: ١١٢] ، وقال تعالى: