مقيدا إذ أن توثيق ابن حبان فيه تساهل كبير كما شرحه الحافظ في مقدمة "اللسان" وزدته بيانا في نقدي لـ "التعقيب الحثيث" فلو سلمنا أن محمد بن عثمان هو الواسطي الذي وثقه ابن حبان فهو لا يزال في عداد المجهولين لما ذكرنا من تساهله فلا يعارضه جينئذ تضعيف الأزدي كما هو ظاهر.
وأما قوله: إن دعوى الذهبي لا دليل عليها فغير مسلم عندي وذلك لأن الحديث يصرح بأن أولاد المشركين في النار. فهذا منكر بل باطل لمخالفته لظاهر قول الله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} فإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة فلأن لا يعذب غير العقل عن الأولاد من باب أولى ولمخالفته أيضا لعديد من الأحاديث الدالة على أن أولاد المشركين في الجنة فضلا من الله ورحمة. وهذا هو اختيار أهل التحقيق من العلماء كالنووي والعسقلاني وغيرهما وتجد بعض الأحاديث المشار إليها في "فتح الباري" ٣/١٩٥-١٩٦.
والحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" ١/١٣٤ بإسناد المصنف هذا لكنه قال: محمد بن عثمان. وقال الهيثمي ٧/٢١٧: رواه عبد الله بن أحمد وفيه محمد بن عثمان ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. وأما ما رواه أحمد ٦/٢٠٨ والطيالسي ١٥٧٦ نحوه من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن بهية عن عائشة أنها ذكرت لرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطفال المشركين فقال:"إن شئت اسمعتك تضاغيهم في النار". فقال الحافظ: حديث ضعيف جدا لأن أبا عقيل مولى بهية متروك. ونحوه ما أخرجه أبو يعلى في "مسنده" ٤/١٦٨٦ من طريق سهل ابن زياد الحربي بصري ثقة: حدثني الأزرق بن قيس عن عبد الله بن نوفل أو عن عبد الله بن بريدة - شك سهل- عن خديجة بنت خويلد قالت: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قلت: بأبي أين أطفالي منك؟ قال:"في الجنة". قالت: وسألته: أين أطفالي من أزواجي من المشركين؟ قال:"في النار". قلت: بغير عمل؟ قال:"اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". قلت: فهذا ضعيف أيضا لانقطاعه. قال الهيثمي: رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات إلا أن عبد الله بن الحارث بن نوفل وابن بريدة لم يدركا خديجة. قلت: وسهل هذا هو الطحان البصري ترجمة ابن أبي حاتم ٢/١/١٩٧ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ولعله في "ثقات ابن حبان".