وقال أحمد بن حنبل: لم يكن أحد في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه.
وقال الحسن بن عيسى الماسرجس مولى ابن المبارك: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى ومخلد بن الحسين فقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد، والفصاحة، والشعر، وقيام الليل والعبادة والحج والغزو والشجاعة والفروسية والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف وقلة الخلاف على أصحابه١.
هذه شهادات أئمة عدول تبين لنا تلك المكانة العالية التي كان يحتلها هذا الإمام المجاهد والعالم الرباني بين علماء الأمة، هذه المكانة لم يكن ينالها ابن المبارك لو أنه آثر أن يعيش كما يعيش غيره من الناس على هامش الحياة آثراً الدعة والراحة على الجد والجهاد والتضحية والبذل.
بل كان همه رحمه الله وشغله الشاغل نصرة هذا الدين وإعلاء كلمة الله فكان يبذل في سبيل ذلك نفسه وماله وعلمه وصحته ووقته رحمه الله ورضي عنه.
جهوده في خدمة منهج أهل السنة والجماعة:
تلقى الإمام ابن المبارك هذا المنهج الصافي عن شيوخه من التابعين وهم تلقوه عن الصحابة رضوان الله عليهم، فبذل رحمه الله في سبيل
١ انظر تاريخ بغداد: ١٠/ ١٥٦-١٦٣، سير أعلام النبلاء: ٨/ ٣٣٦-٣٤٦ هذا، وهناك أقوال كثيرة في الثناء عليه وبيان مكانته آثرت الاقتصار هنا على أهمها وأجمعها.