إسماعيل بن علية قد ولي القضاء فكتب إليه:
يا جاعل العلم له بازياً ... يصطاد أموال المساكين
أحتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنوناً بها بعدما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين
أين رواياتك فيما مضى ... في ترك أبواب السلاطين
إن قلت أكرهت فماذا كذا ... زل حمار العلم في الطين
لا تبع الدين بدنيا كما ... يفعل ضلال الرهابين ١
- قال الكديمي: حدثنا عبدة بن عبد الرحيم قال: كنت عند فضيل بن عياض وعنده ابن المبارك، فقال قائل: إن أهلك وعيالك قد احتاجوا مجهودين، محتاجين إلى هذا المال، فاتق الله وخذ من هؤلاء القوم- يعني الحكام والأمراء- فزجره ابن المبارك وأنشأ يقول:
خذ من الجاروش وااـ ... آرز والخبز الشعير
واجعلن ذاك حلالاً ... تنج من حر السعير
وانأ ما استطعت هداك ... الله عن دار الأمير
لا تزرها واجتنبها ... إنها شر مزور
توهن الدين وتُذْ ... نيك من الحوب الكبير
قبل أن تسقط يا ... مغرور في حفرة بير
وأرض يا ويحك من ... دنياك بالقوت اليسير
إنها دار بلاء ... وزوال وغرور
١ تاريخ بغداد: ٦/٢٣٦، سير أعلام النبلاء: ٨/٣٦٣-٤ ٣٦، وسأذكر فبما بعد قصة هذه الأبيات.