للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلما وردت الرقعة على عبد الله بن المبارك دعا بالدواة والقرطاس، وقال: يأبى هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا، ثم كتب إليه:

بسم الله الرحمن الرحيم:

يا جاعل العلم له بازياً ... يصطاد أموال المساكين

إلى آخر الأبيات وقد سبق ذكرها كاملة في الكلام عن شعره.

فلما وقف ابن علية على هذه الأبيات، قام من مجلس القضاء، فوطيء بساط هارون الرشيد وقال: يا أمير المؤمنين الله الله إرحم شيبتي، فإني لا أصبر للخطأ، فقال له هارون: لعل هذا المجنون أغرى عليك؟، فقال: الله الله أنقذني أنقذك الله، فأعفاه من القضاء، فلما إتصل بعبد الله ذلك وجه إليه بالصرة١.


١ تاريخ بغداد: ٦/ ٢٣٥- ٢٣٦.
* هذه النصوص وأمثالها في فرار أئمة السلف من تولي القضاء والتحريض عل تركه محمولة عل أمرين:
ا- علمهم بوجود من يقوم به.
٢- تركه ورعاً وحيطة لدينهم.
أما إذا ترتب على ذلك خلو القضاء ممن يقوم به أو تسلط الكفرة أو الفجرة عليه فتفسد مصالح الناس وتعطل أحكام الشريعة فلا.
ولا يفهم من ذلك أنهم يحرضون على إعتزال المجتمع والحياة كما يفعل دراويش الصوفية وخوارج هذا العصر.

<<  <   >  >>