للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلما أعرض أهل التصوف عن الطريقة النبوية السلفية، تلاعب بهم الشيطان، فأوقعهم في الإفراط والتفريط، فتراهم أصحاب تشدد وتنطع ورهبانية محدثة، وحديث عن الدقائق من ((الوساوس)) و ((الخطرات)) (١) .

ثم في المقابل تجدهم أهل سماع بدعي، وأرباب رقص وغناء، ومصاحبة للأحداث، وعشق للصور المحرمة (٢)

قال ابن رجب - في بيان حال القوم:-

((ومما أحدث من العلوم، الكلام في العلوم الباطنة من المعارف وأعمال القلوب وتوابع ذلك، بمجرد الرأي والذوق أو الكشف، وفيه خطر عظيم وقد أنكره أعيان الأئمة كالإمام أحمد وغيره.


(١) سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الوساوس والخطرات، فقال: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون وإنما ذم الإمام أحمد المتكلمين على الوساوس والخطرات حيث كان كلامهم لا يستند إلى دليل شرعي، بل إلى مجرد رأي وذوق (انظر: مسائل الإمام أحمد. جمع الأحمدي ٢/٢٧٩،وتلبيس إبليس لابن الجوزي ص١٨٦، وجامع العلوم والحكم ٢/١.٤، والآداب الشرعية ٢/٨٨) ، وسئل أبو زرعة عن الحارث المحاسبي وكتبه،فقال للسائل: إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب.قيل له: في هذه الكتب عبرة، قال:من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري، والاوزاعي، والأئمة المتقدمين، صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء، هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم، يأتون مرة بالحارث المحاسبي، ومرة بعبد الرحيم الديبلي، ومرة بحاتم الأصم، ومرة بشقيق، ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع. (انظر: تاريخ بغداد ٨/٢١٥،وتلبيس إبليس ص ١٨٦) .
وسئل ذو النون عن الخطرات والوساوس، فقال: أنا لا أتكلم في شئ من هذا محدث (انظر تلبيس إبيلس ص٢٧) .
(٢) ومما يجدر ذكره هاهنا ما قاله ابن تيمية: ((ولقد حدثني بعض المشايخ أن بعض ملوك فارس، قال لشيخ رآه قد جمع الناس على مثل هذا الاجتماع (رقص وغناء..) : يا شيخ إن كان هذا هو طريق الجنة، فأين طريق النار؟)) الاستقامة ١/٣١٧.

<<  <   >  >>