من المعلوم أن أهل السنة والجماعة هو الوسط في فرق الأمة، فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبهة، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية، وهم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وسط بين الوعيدية الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية، ويكذبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبين المرجئة الذين يقولون إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء، والأعمال الصالحة ليست من الإيمان، ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية، كما أنهم وسط في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج (١) .
فإذا كان أهل السنة وسطاً في باب الاعتقاد، فكذلك هم وسط في باب السلوك بين طرفي الإفراط والتفريط، فدين اله بين الغالي فيه والجافي عنه.
إن إيمان أهل السنة بجميع النصوص الثابتة في مسألة ما قد أورثهم الخيرية والوسطية بين الفرق، وكما قال ابن تيمية:
((وكذلك (أهل السنة) في سائر أبواب السنة هم وسط، لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه السابقون والأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان)) (٢)
ويقرر الشاطبي مفهوم الوسطية في هذا الدين فيقول:
((الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل، الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخل تحت كسب العبد من غير مشقة