للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مثل تجارة أو غيرها فيدخلون في الإسلام ثم يخرجون منه كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} ١ الآية. وقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} ٢ إلى قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} ٣. فإذا قال هؤلاء بألسنتهم: نشهد أن هذا دين الله ورسوله، ونشهد أن المخالف له باطل، وأنه الشرك بالله، غر هذا الكلام ضعيف البصيرة. وأعظم من هذا وأطم أن أهل حريملا ومن وراءهم يصرحون بمسبة الدين، وأن الحق ما عليه أكثر الناس، يستدلون بالكثرة على حسن ما هم فيه من الدين، ويفعلون ويقولون ما هو من أكبر الردة وأفحشها. فإذا قالوا: التوحيد حق والشرك باطل، وأيضا لم يحدثوا في بلدهم أوثانا، جادل الملحد عنهم. وقال: إنهم يقرون أن هذا شرك، وأن التوحيد هو الحق، ولا يضرهم عنده ما هم عليه من السب لدين الله، وبغي العوج له، ومدح الشرك، وذبهم دونه بالمال واليد واللسان. فالله المستعان.

وقال أبو العباس أيضا في الكلام على كفر مانعي الزكاة: والصحابة لم يقولوا: هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؟ هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة. بل قال الصديق لعمر رضي الله عنهما: "والله لو منعوني عقالا أو عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه" فجعل المبيح للقتال مجرد المنع، لا جحد الوجوب. وقد روى أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب، لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعهم سيرة واحدة، وهي مقاتلتهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم، والشهادة على قتلاهم بالنار، وسموهم جميعهم أهل الردة. وكان من أعظم فضائل الصديق


١ سورة المنافقون آية: ٣.
٢ سورة النحل آية: ١٠٦.
٣ سورة النحل آية: ١٠٧.

<<  <   >  >>