للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- وعن عبد العزيز بن أبي حازم قال: قال لي أبي:"كان الناس فيما مضى من الزمان الأول إذا لقي الرجل من هو أعلم منه قال: اليوم يوم غُنمي، فيتعلم منه، وإذا لقي من هو مثله قال: اليوم يوم مذاكرتي فيذاكره، وإذا لقي من هو دونه علّمه ولم يَزْهُ عليه" قال: "حتى صار هذا الزمان، فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى لا يرى الناسُ أن له إليه حاجة، وإذا لقي من هو مثله لم يذاكره، فهلك الناس عند ذلك" ١.

هناك محاذير يجب على الطالب تجنبها ٢ منها:

أ - يحذر في ابتداء أمره من الاشتغال بالخلافيات بين العلماء أو بين الناس مطلقاً في السمعيات أو العقليات، فإنه يحير الذهن، ويدهش العقل، بل عليه أن يتقن أولا كتاباً واحداً في فن واحد، أو كتباً في فنون إن كان يحتمل ذلك على طريقة يرتضيها له شيخه.

ب - يحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات، فإنه يضيع زمانه، ويفرق ذهنه، بل يعطي الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يأخذه كليّته حتى يتقنه.

ج - وكذلك يحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب، أو من شيخ إلى شيخ من غير موجب، فإنه علامة الضجر وعدم الفلاح.

أما إذا تحققت أهليته، وتأكدت معرفته فأولى أن لا يدع فناً من علوم الشريعة


١ الجامع للخطيب (٢/٢٧٦) .
هذا كلام أبي حازم سلمة بن دينار الأعرج الذي توفي في خلافة أبي جعفر المنصور، عن أهل زمانه، فكيف لو رأى أهل زماننا؟ ماذا سيقول رحمه الله؟
وعن صفة مذاكرة السلف ونماذج منها راجع حواشي تذكرة السامع والمتكلم (ص ١٤٣-١٤٦) .
٢ عن هذه المحاذير وغيرها راجع تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعة (ص ١١٦-١٢٠) .

<<  <   >  >>