[الملحق الثاني]
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله: "وأحسن ما رأيت في آداب التعلم والتفقه من النظم ما ينسب إلى اللؤلؤي من الرجز، وبعضهم ينسبه إلى المأمون، وقد رأيت إيراد ما ذكر من ذلك لحسنه، ولما رجوت من النفع به لمن طالع كتابي هذا، نفعنا الله وإياه به: قال:
واعلَمْ بأنَّ العلمَ بالتَّعلُّمِ ... والحفظِ والإتقانِ والتفهُّمِ
والعلمُ قد يُرزَقه الصغيرُ ... في سنِّه ويُحرَمُ الكبير
وإنَّما المرءُ بأَصْغَريْهِ ... ليس برجليْه ولا يديْهِ
لسانُه وقلبُه المركَّبُ ... في صدرِهِ وذاك خَلْقٌ عَجَبُ
والعلمُ بالفهمِ وبالمذاكرَهْ ... والدرسِ والفكرةِ والمناظرَه
فربَّ إنسانٍ يَنال الحِفْظَا ... ويُوردُ النصَّ ويَحكي اللَّفْظاَ
وما له في غيرِهِ نصيبُ ... مِمّا حواه العالمُ الأديبُ
وربّ ذي حرصٍ شديد الحبِّ ... للعلمِ والذَكر بليدِ القلبِ
معجز في الحفظِ والروايهْ ... ليستْ له عمَّن رَوَى حِكايهْ
وآخَرُ يُعطى بلا اجْتهادِ ... حفظاً لما قد جاء في الإسنادِ
يهذّه بالقلب لا بناظرهْ ... ليس بمضطرٍ إلى قَماطِرهْ
فالتمسِ العلمَ وأَجْمِل في الطلَبْ ... والعلم لا يَحسنُ إلا بالأَدَبْ
والأدبُ النافعُ حسنُ الصمتِ ... وفي كثير القولِ بعضُ المقتِ
فكُن لحسن الصمت ما حَيِيتَا ... مقارفاً تُحمد ما بقيتَ