للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن الروايات التي أنكرها ابن كثير استناداً إلى أن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة ومعروفة تلك المرويات المنكرة التي لا تتوافق مع أحوال نبوية مقطوع بوقوعها بكيفية محددة، ومن ذلك ما روي عن أبي سعيد أنه قال: "حج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة وقد ربطوا أوساطهم ومشيهم خليط من الهرولة".

قال ابن كثير: "حديث منكر ضعيف الإسناد"، ثم علّق على ما قاله البزار (١) : "معناه أنهم كانوا في عمرة إن ثبت الحديث؛ لأنه عليه السلام: إنما حجَّ حجَّة واحدة وكان راكباً وبعض أصحابه مشاة".

قلت ـ ابن كثير ـ:

لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من عُمرة ماشياً لا في الحديبية ولا في القضاء ولا الجِعِرَّانة ولا في حجة الوداع وأحواله صلى الله عليه وسلم أشهر وأعرف من أن تخفى على الناس بل هذا الحديث منكر شاذ لا يثبت مثله (٢) .

كذلك عقب ابن كثير على رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إنما قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خشية أن يُصدَّ عن البيت، قال ابن كثير: هذا حديث غريب سنداً ومتناً، ثم انبرى يناقش متنه قائلاً: "من الذي يصده عليه الصلاة والسلام وقد أظهر الله الإسلام وفتح البلد الحرام وقد نودي برحاب منى أيام الموسم الماضي أن لا يحج بعد العام


(١) البزار: إسحاق بن عبد الله الكوفي له المسند (ت:٣٠٧هـ) ، ابن كثير، البداية والنهاية، ١٤/٨١٣.
(٢) ٧/٤١٩-٤٢٠.

<<  <   >  >>