للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[ما أهمل ابن كثير نقده من متون:]

بذل ابن كثير جهداً ملحوظاً في جمع مرويات السيرة من مصادر شتى، كما بذل جهداً مماثلاً في أسانيدها ومتونها، كما مر بنا، ومع ذلك لا بد من القول بأنَّ هناك روايات ساقها ابن كثير دون مراجعة ونظر، لم ينقد متونها، ولم يوضح لنا رأيه فيها. مع أنه ينبه أحياناً على عيوب الإسناد وأحوال رجاله. والمتأمل في المرويات التي يسوقها ابن كثير يلمس حاجتها إلى وقفات نقدية استناداً إلى حقائق تاريخية وعقلية وأسلوبية.

ومن ذلك ظاهرة الأشعار التي يرويها ابن إسحاق في السيرة في مرحلة ما قبل المبعث وفي مرحلة الدعوة بمكة وأبرزها قصيدة أبي طالب اللامية وقد أورد منها ما يزيد على (٩٠) بيتاً وقال عنها: هذه قصيدة عظيمة بليغة جداً لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعاً (٢) ، والذي نفهمه من هذا الكلام أن ابن كثير يؤيد نسبتها إلى أبي طالب، ولكنه لم يذكر قرائن أسلوبية أو لغوية جلية تؤيد نسبتها إلى عصر السيرة المكية، ولم


(٢) ٤/١٣٤، وقد استغرقت قصيدة أبي طالب تلك الصفحات (١٣٥-١٤٣) .

<<  <   >  >>