للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأثبت قدم معاني أسمائه الحسنى، وأنه هو الذي سمى نفسه بها١. والرب تعالى يشتق من أوصافه وأفعاله أسماء٢، ولا يشتق من مخلوقاته وكل اسم من أسمائه فهو مشتق من صفة من صفاته، أو فعل قائم به، فلو كان يشتق له اسم باعتبار المخلوق المنفصل لسمي متكونا أو متحركا، وساكنا وطويلا، وأبيض وغير ذلك، لأنه خالق هذه الصفات، فلما لم يطلق عليه اسم من ذلك مع أنه خالقه علم أنما تشتق أسماؤه من أفعاله وأوصافه القائمة به وهو سبحانه لا يتصف بما هو مخلوق منفصل عنه، ولا يتسمى باسمه٣.

ثالثا: الإيمان بأن هذه الأسماء دالة على معان في غاية الكمال، فهي أعلام وأوصاف، وليست كالأعلام الجامدة التي لم توضع باعتبار معانيها، كما يزعم المعتزلة.

فمن الأمور المتقررة في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أسماء الله الحسنى متضمنة للصفات، فكل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي يدل عليه الاسم الآخر، فالعزيز متضمن. لصفة العزة وهو مشتق منها، والخالق متضمن لصفة الخلق وهو مشتق منها، فأسماء الله مشتقة من صفاته وليست جامدة كما يزعم المعتزلة ومن وافقهم الذين ادعوا أنها أعلام لا معاني لها فقالوا سميع بلا سمع بصير بلا بصر وعزيز بلا عزة، فسلبوا بذلك عن أسماء الله معانيها.


١ مجموع الفتاوى ٢٠٥/٦.
٢ قال ابن القيم: "أسماء الله الحسنى هي أعلام وأوصاف، والوصف بها لا ينافي العلمية، بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم، لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة، بخلاف أوصافه تعالى" بدائع الفوائد ١/ ١٦٢.
٣ شفاء العليل ص ٢٧١.

<<  <   >  >>