هذا ولا شك أن في نزول القرآن منجما -مفرقا- على حسب الوقائع والأحداث حِكَما وأسراراً عظيمة، كيف وذلك التنجيم ممّن أنزل القرآن وهو سبحانه أعلم بما يصلح عبادة {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(الملك: ١٤) . يعلم سبحانه المنهج الصالح لتربية الأمّة المنهج الذي يجعلها أمّةً منقادة لأوامر الله، منتهية عن مساخطه.
ونلخص هنا بعض الحكم التي ذكرها العلماء والباحثون في هذا المجال:-
١- الحكمة الأولى تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتطمين خاطره وقلبه وقد أشار الحق تبارك وتعالى إلى هذه الحكمة في قوله {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}(الفرقان: ٣٢.) ويندرج تحت هذه الحكمة كثير.
لقد وجه رسول الله صلى اله عليه وسلم دعوته إلى الناس فوجد منهم نفوراً شديداً وقلوباً قاسية، قابله قومه بقلوب قاسية فطرت على الأذى، وقابلوه بصنوف الأذى والشتم مع رغبته الصادقة وسعيه المشكور في إيصال الخير الذي جاء به إليهم حتى قال الله تعالى في حقه {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً}(الكهف: ٦) فكان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة بعد فترة ليثبت فؤاده على الحق ويقوي عزمه على المضي في الخير.
وقد بين الله أن سنته في أنبيائه السابقين أنهم كذبوا وأوذوا فصبروا حتى جاءهم نصر الله، وبيَّن كذلك أن قومه ما كذبوه إلا استكبارا وعلوا، وردّاً للحَق، فيجد الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك تسلية له قال تعالى {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ