للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً ١.

ثم إن أدوات الكتابة لم تكن ميسورة للكُتَّاب على ندرتهم، فلو أنزل القرآن جملة واحدة لعجزوا عن حفظه وكتابته، فاقتضت حكمة الله العليا أن ينزله إليهم مفرقاً ليسهل عليهم حفظه ويتهيأ لهم استظهاره ٢.

خامساً: ترتيل القرآن الكريم كما ينبغي بالصورة الصحيحة التي نزل عليها {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ ترتيلاً} (المزمل:٤) فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يتلقى القرآن من الوحي عن رب العزة والجلال، فنحن بقراءتنا وترتيلنا إن أحكمناه إنما نتبع ما علم الله نبيه من ترتيل محكم جاء به التنزيل وأُمِر به النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان تعليم هذا الترتيل الْمُنَزَّل من عند الله تعالى ليتوافر إذا لم ينزل القرآن منجماً، فلو نزل جملة واحدة ما تمكن النبي عليه الصلاة والسلام من تعلم الترتيل، ولو علمه الله تعالى بغير تنجيمه ما كان في الإمكان أن يعلمه قومه وهم حملته إلى الأجيال من بعده ٣.

سادساً: من حِكَم هذا التنجيم بصورة عامة رسم صورة المجتمع الآخَر أو الفئات الثانية من المشركين والمنافقين، وفضح أساليبهم ونواياهم ومفاجأتهم بحقيقة ما يقولون ويُبَيِّتُون ويمكرون {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ


١ انظر المصنف للصنعاني ٣/٣٨٠، والمصنف لابن أبي شيبة، كتاب فضائل القرآن، في تعليم القرآن كم آية ١٠/٤٦٠، وقال الهيثمي في المجمع، باب السؤال عن الفقه، رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره. مجمع الزوائد ١/١٦٥ وأخرجه الصنعاني في المصنف بنحوه، كتاب فضائل القرآن، باب تعليم القرآن وفضله ٣/٣٨٠.
٢ مناهل العرفان ١/٥٦.
٣ انظر القرآن المعجزة الكبرى، محمد أبو زهرة ص٢٣.

<<  <   >  >>