إلا أن تخلط آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب بآية رحمة على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل.
قال الإمام ابن عبد البر١: إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها إنها معان متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافاً ينفيه ويضاده كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده.
وهذا القول الأول لا يسلم من بعض الاعتراضات ومن أهمها:
١) أن ما ذكروه ليس من قبيل حصر الأحرف السبعة حتى يصح الاستدلال بذلك.
٢) أن أصحاب هذا المذهب قد وضعوا أنفسهم في مأزق ضيق لأن ترويجهم لمذهبهم اضطرهم إلى أن يتورطوا في أمور خطرها عظيم إذ قالوا إن الباقي من الأحرف السبعة هو حرف واحد، وأن عثمان بن عفان جمع الناس على حرف واحد وهو كلام لا يستقيم ولا يتفق مع الأدلة التي ذكرناها والتي ترجح الرأي الأول.
وهناك أقوال أخرى مرجوحة أذكر لكم في هذا المقام ثلاثة منها:
القول الأول:
إنه من المشكل الذي لا يُدْرَى معناه لأن الحرف يصدق لغة على حرف الهجاء وعلى الكلمة وعلى المعنى وعلى الجهة، فيكون مشتركاً لفظياً لا يعرف ولا يُدرى أي معانيه هو المقصود وهذا القول نسب إلى أبي جعفر محمد بن
١ يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، أبو عمر، من كبار حفاظ الحديث له كتب كثيرة منه الاستيعاب في معرفة الأصحاب وغير ذلك، الأعلام ٨/٢٤٠.