ورحمة النبي صلى الله عليه وسلم جعلت القلوب تهفو إليه وتؤمن به وتتبعه وتحبه، وبعض من آمن به قد تخطى عقبات كبيرة في نفسه من أنانية وعصبية١.
وفي باب التوكل على الله عز وجل تَمثل المصطفى عليه الصلاة والسلام لما جاء في القرآن الكريم، فكان يتوكل على الله تعالى في جميع الأمور وفي أشد الظروف فكان الله تعالى له نعم الوكيل والنصير.
والخطابات القرآنية التي خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم بالتوكل كثيرة لم يكن مثلها عدداً ووضوحاً في أي خلق كريم، قال تعالى:{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران:١٥٩) وقال: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً}(النساء:٨١) وقال: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(الأنفال: ٦١) ، وقال:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(هود: ١٢٣) ، وقال:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً}(الفرقان: ٥٨) ، وغير ذلك من الآيات التي تحث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بهذا الخلق العظيم، وكان صلى الله عليه وسلم أولى الناس تطبيقاً لهذا الخلق العظيم لأنه كان خلقه القرآن فهو يمثل القرآن بسلوكه وقوله، ويترجم القرآن بأقواله وأفعاله، فهو سيد المتوكلين عليه الصلاة والسلام، ويكفينا قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بكر الصديق مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ