للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً، وابتغي به وجهه " أخرجه النسائي في " الجهاد " (٦/٢٥) وإسناده حسن.

وفي الباب أحاديث عدة، في إخلاص التوحيد والعمل، وبيان أن العمل ما لم يكن خالصاً لا يقبل وهو شرك، وأعظم الأعمال التوحيد، ومن لم يخلص العبادة لله فعمله مردود عليه، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " أخرجه مسلم (٨/٢٢٣) .

والعبادة تارة تكون بالجوارح -والإخلاص أمر قلبي لا يطلع عليه إلا الله- كالصلاة والصيام ونحو ذلك، وتارة تكون قلبية والجوارح مفصحة عن إرادة القلوب.

فإن من الناس من قد يخفي رياءه وشركه، ولا يحب أن يطلع على ذلك الناس، كالمنافقين أظهر بجوارحه عبادة، وأشرك في قلبه ولم يخلص.

ولكن ليس أحدٌ من الناس المنتسبين للإسلام يظهر الشرك ويبطن التوحيد، فهذا غير موجودٍ، ولا هو حقيقة، فإن من أظهر بلسانه وعمله الشرك وترك الإخلاص فلا بد يقيناً أن يكون قلبه غير مخلص، وهذا لا مخالف فيه.

ويستثنى من ذلك المكره بالقتل كما قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} ، أما والمرء مختار راغب في العبادة فلا يعقل أن يظهر لفظًا شركياً وقلبه مخالف لفظه.

فالمظهر للإخلاص المبطن خلافه منافق كالمنافقين في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمظهر الشرك مشرك من المشركين كالذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشركي العرب وغيرهم.

<<  <   >  >>