للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالثا: القمار:

عقد التأمين يتضمن شبهة القمار وذلك أنه معلق على خطر قد يقع وقد لا يقع فهو يشبه في معناه معنى ميسر القمار وهو ما يتخاطر الناس عليه. قال ابن عباس: "كان الرجل في الجاهلية يخاطر الرجل على أهله وماله فأيهما قامر صاحبه ذهب بماله وأهله فنزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ١ وأي مخاطرة ومقامرة أشد من دفع مبلغ التأمين كاملاً مقابل قسط واحد فيما إذا وقع الخطر المُؤَمن عليه ففي مقابل ماذا دفع المُؤَمن هذا المبلغ الكبير؟ وكيف تكون المخاطرة والمقامرة إذا لم تكن هذه مخاطرة ومقامرة؟

والحقيقة أننا لو نظرنا إلى عناصر عقد المقامرة عند شراح القانون لوجدناها متوفرة في عقود التأمين ولذا قال السنهوري إنه إذا نظرنا إلى عقد تأمين بمفرده لم يعدُ أن يكون عقد مقامرة ٢.

شبه المخالفين في تضمن عقد التأمين للمقامرة والرد عليها:

وقد حاول الزرقا ومن على شاكلته إيجاد فروق بين عقد التأمين وبين القمار سوف أذكرها حسب ورودها في بحثه وأجيب عليها.

أ- يقول: "إن القمار لعب بالحظوظ ومقتلة للأخلاق ... فأين القمار الذي هو من أعظم الآفات ... من نظام يقوم على أساس ترميم الكوارث الواقعة على الإنسان في نفسه أو ماله ... " ٣.

والجواب عن هذا أن وجه الشبه بين عقد التأمين وبين القمار هو عنصر المخاطرة في كل منهما حيث أن عقد التأمين يكون على شيء غير محقق الوقوع وهو عنصر أساسي فيه وفي القمار أيضاً وهذا هو مناط التحريم وأما ما يقر بسبب القمار من العداوة والبغضاء والصد عن


١ سورة المائدة الآية ٩٠ -٩١ وانظر تفسير الطبري٢/٣٥٧ -٣٥٩ و٧/٣٢-٣٥ جامع بيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري الطبعة الثالثة طبعه-مصطفى الحلبي - بمصر، وتفسير القرطبي ٣/٥٢ الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله القرطبي الطبعة الثالثة عن - طبعة دار الكتب المصرية-.
٢ انظر الوسيط ٧/١٠٨٧.
٣ أصول الفقه الإسلامي ص ٣٩٨ وانظر بحث الخفيف ص ١٧.

<<  <   >  >>