للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ت٧٢٨هـ: “من شدة الرعب الذي في قلوبهم يشبهون المغمى عليه وقت النزع؛ فإنه يخاف ويذهل عقله، ويشخص بصره، ولا يطرف، فكذلك هؤلاء؛ لأنهم يخافون القتل”١.

٤- قوله تعالى {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} ٢.

والمراد بسكرة الموت شدته وغمرته وغلبته التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله، ومعنى (بالحق) أي من أمر الآخرة، فتبينه الإنسان حتى تثبته وعرفه، بمعنى أنه عند الموت يتضح له الحق، ويظهر له صدق ما جاءت به الرسل من الإخبار بالبعث، والوعد والوعيد، وقيل الحق هو الموت، فيكون المعنى: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت، كما قرأ أبو بكر الصديق وابن مسعود {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} ”٣.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “.. {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} أي جاءت بما بعد الموت من ثواب وعقاب، وهو الحق الذي أخبرت به الرسل، ليس مراده أنها جاءت بالحق الذي هو الموت؛ فإن هذا مشهور لم ينازع فيه، ولم يقل أحد: إن الموت باطل حتى يقال جاءت بالحق”٤.

٥- قوله تعالى: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ. فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ. تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٥. هذا دليل على سكرات الموت٦؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: مهلاً إذا بلغت النفوس عند خروجها من أجسادكم، أيها الناس، حلاقيكم، ومن حضرهم


١ مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ٢٨/٤٥٦.
٢ سورة ق، الآية ١٩.
٣ انظر جامع البيان في تفسير القرآن ٢٦/١٠٠، ١٠١، وفتح القدير ٥/٧٥.
٤ مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ٤/٢٦٥.
٥ سورة الواقعة، الآية ٨٣- ٨٧.
٦ انظر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ١/٤١.

<<  <   >  >>