للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مشاهدة، وإنما الإيمان المقبول المنجي هو الإيمان الاختياري، الذي يكون إيماناً بالغيب، وذلك قبل وجود قرائن العذاب١.

يقول الطبري: “لم يك ينفعهم تصديقهم في الدنيا بتوحيد الله عند معاينة عقابه قد نزل، وعذابه قد حل؛ لأنهم صدقوا حين لا ينفع التصديق مصدقا؛ إذ كان قد مضى حكم الله في السابق من علمه أن من تاب بعد نزول العذاب من الله على تكذيبه لم تنفعه توبته”٢.

ويشهد لهذا الشرط المهم من شروط قبول التوبة ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال”إن الله عز وجل ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر”٣، أي فإذا غرغر وبلغت الروح الحنجرة، وعاين الملك فلا توبة حينئذ٤.

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} ٥، قال بعض العلماء بأن المراد: إذا أخروا التوبة إلى حضور الموت فتابوا حينئذ، فلن تقبل توبتهم، فيكون مثل قوله تعالى في الآية السابقة: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} ، وتقرر في الأصول حمل المطلق على المقيد، ولا سيما إذا اتحد الحكم والسبب كما هنا٦.

وروى الطبري ت٣١٠? بسنده عن الحسن البصري ت١١٠? قوله في


١ انظر تفسير القرآن العظيم ٤/٩١، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص٦٩٠
٢ جامع البيان في تفسير القرآن ٢٤/٥٨.
٣ رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، ح٤٢٥٣، وقال الألباني عنه (حسن) انظر صحيح سنن ابن ماجه ٢/٤١٨ح ٣٤٣٠.
٤ انظر تفسير القرآن العظيم ٤/٩١.
٥ سورة آل عمران، الآية ٩٠.
٦ انظر أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ١/٣٤٣.

<<  <   >  >>