للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر بعض أهل العلم أن المراد بتلقين المحتضر الشهادة: ذكرها عنده وتسميعها إياه، دون أمره بقولها١، والحق أن ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم “لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" يدل على أن المراد أمره بأن يقولها، لا مجرد ذكر الشهادة عنده وتسميعها إياه، كما يشهد لذلك ما رواه أنس رضي الله عنه ”أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من الأنصار فقال: يا خال، "قل: لا إله إلا الله"، فقال: أخال أم عم؟ فقال: بل خال، فقال: فخير لي أن أقول: لا إله إلا الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم” ٢.

قال القرطبي: “لا بد من تلقين الميت، وتذكيره الشهادة، وإن كان على غاية من التيقظ”٣، وقال ابن عثيمين ت ١٤٢١هـ: “أهل العلم قالوا: يسن تلقين المحتضر لا إله إلا الله، لكن بدون قول قل؛ لأنه ربما مع الضجر يقول: لا؛ لضيق صدره مع نزول الموت، أو يكره هذه الكلمة أو معناها، وفي هذا الحديث [أي في قصة تلقين الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب] قال”قل، والجواب: أن أبا طالب كان كافراً فإذا قيل له: قل، وأبى فهو باق على كفره، لم يضره التلقين بهذا؛ فإما أن يبقى على كفره ولا ضرر عليه بهذا التلقين، وإما أن يهديه الله، بخلاف المسلم، فهو على خطر؛ لأنه ربما يضره التلقين على هذا الوجه”٤.

وقد يرد إشكال عدم ذكر مشروعية تلقين المحتضر شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجواب على ذلك ما ذكره ابن حجر بقوله:

“والمراد بقول لا إله إلا الله في هذا الحديث وغيره كلمتا الشهادة، فلا يرد إشكال ترك ذكر الرسالة”، ثم نقل قول ابن المنير: “قول لا إله إلا الله لقب


١ أشار إليه السندي ت٩١١هـ في حاشيته على سنن النسائي ٣/٥، والسهارنفوري ت١٣٤٦هـ في بذل المجهود في حل أبي داود ١٤/٧٩، ٨٠، وغيرهم.
٢ رواه الإمام أحمد ٣/١٥٢، ١٥٤، ٢٦٨ بإسناد صحيح على شرط مسلم.
٣ التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ١/٦٤.
٤ القول المفيد على كتاب التوحيد ١/٣٥٥.

<<  <   >  >>