للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستولي عليه، فإذا حضر الموت فقد يزداد حب الله ضعفاً في قلبه لما يرى أنه يفارق الدنيا، محبوبته التي يفارقها، بل قد ينقلب ذلك الحب الضعيف بغضا، فيختم له بخاتمة سوء، ولهذا يقول ابن كثير: “والمقصود أن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة قال الله تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً} ١، بل قد وقع سوء الخاتمة لخلق لم يفعلوا فاحشة اللواط، وقد كانوا متلبسين بذنوب أهون منها، وسوء الخاتمة أعاذنا الله منها لا يقع فيها من صلح ظاهره وباطنه مع الله وصدق في أقواله وأعماله؛ فإن هذا لم يسمع به”٢.

٣- الإصرار على المعاصي، كالتهاون بأركان الإسلام وواجباته، والاستمرار على فعل المحرمات كشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وأذى المسلمين، قال السيوطي: “قال بعض العلماء: الأسباب المفضية لسوء الخاتمة، والعياذ بالله، أربعة: التهاون بالصلاة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وأذى المسلمين”٣.

ومن المعلوم أن من يُصّر على المعاصي يألف الطاعات يألفها، وما يألفه الإنسان في حياته يعود ذكره عند موته، فإن ألف الطاعات في عمره كان أكثر ما يحضره عند الموت ذكر الطاعات، وأن ألف المعاصي والمحرمات كانت أكثر ما يحضره عند تلك الساعة الحرجة، ومن ثم فقد تغلب عليه شهوة من الشهوات والمخالفات عند نزول الموت به، فيختم له بخاتمة سيئة، قال ابن القيم: “ولهذا ـ والله أعلم ـ كثيراً ما يعرض للعبد عند موته لهجه بما يحبه، وكثرة


١ سورة الفرقان، الآية ٢٩.
٢ البداية والنهاية ٩/١٧٠.
٣ شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور ص٢٧.

<<  <   >  >>