للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلنستمع إليه يفصل مرئياته من وراء أكثر من ألف سنة قبل بعثة ذلك المنقذ العالمي الذي اصطفاه الله رحمة للعالمين:

يقول أشعياء: "تفرح البرية والأرض اليابسة، ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس، يزهر إزهارا ويبتهج ابتهاجا ويرنمّ.

يدفع إليه مجد لبنان بهاء كرمل وشارون، هو يرون مجد الرب بهاء إلهنا.

شدّدوا الأيادي المسترخية والركب المرتعشة ثبوتها. قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا هو ذا إلهكم. الانتقام يأتي جزاء الله هو يأتي ويخلصكم.

حينئذ تتفتح عيون العمي، وآذان الصم تتفتح، حينئذ يقفز الأعرج كالأيل، ويترنم لسان الأخرس، لأنه قد انفجرت في البرية مياه وأنهار في القفر ويصير السراب أجما، والمعطشة ينابيع ماء.

في مسكن الذئاب، في مربضها دار للقصب والبَرْدِيّ.

وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة، لا يعبر فيها نجس، بل هي لهم.

من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل.

لا يكون هناك أسد، وحش مفترس لا يصعد إليها، بل يسلك المفديّون فيها، ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح، فرح أبديّ على رؤسهم.. ابتهاج وفرح يدر كانهم، ويهرب الحزن والتنهد١".

إن أشعياء يصوغ مرئياته السعيدة هذه في أسلوب شعري يترقرق بالفرح والبهجة، فلا يتمالك أن يسكب من مشاعره على الأرض اليابسة فإذا هي تموج بمثل فرحه وبهجته.. حتى ليرى كل شيء فيها يضحك ويزهر ويغني ...

ولم كل ذلك؟ ...

لأن انقلاب خارقا قد غيّر مسيرة الحياة فاستبدلت بكآبة الشقاء والضياع هداية السماء التي ملأت الأرض بنور الله.

ولذلك يهيب بالمظلومين: أن افتحوا قلوبكم فقد جاءكم الخلاص على قدر، فلا عدوان بعد اليوم ولا بغي ولا طغيان..


١ انظر أشعياء صح ٣٥.

<<  <   >  >>