بالله تعالى وأنهم حشو الجنة للأخبار والإجماع فيه، لكن منهم من قال: لا بد من نظر عقلي في العقائد، وقد حصل لهم منه القدر الكافي، فإن فطرتهم جبلت على توحيد الصانع وقدمه وحدوث الموجودات، وإن عجزوا عن التعبير عنه على اصطلاح المتكلمين، والعلم بالعبارة على زائد لا يلزمهم، وكذا نقل إلكيا في تعليقه إجماع الأصحاب على أنهم مؤمنون، وإنما الخلاف في أنهم عارفون بالأدلة وإنما قصرت عباراتهم عن أدائها، أو أنهم مؤمنون غير عالمين فإن العلم معرفة المعلوم على وجه لا يمكن الانفكاك عنه، وإذا جرت شبهة لا يرتاع لها، وهذا منتف في حقهم، وإن قيل: كيف يكونون مؤمنين غير عارفين؟ قلنا: لأن الله لم يوجب عليهم غير هذا القدر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتفي من الأعراب بالتصديق مع العلم بقصورهم عن معرفة النظر والأدلة.
قلت: وفي (صحيح مسلم) عن معاوية بن الحكم في الأمة السوداء التي أراد عتقها وسأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك، فقال:((ائتني بها)) فجاءت فقال لها: ((أين الله؟)) فقالت: في السماء، قال:((من أنا؟)) قالت: أنت رسول الله قال: ((أعتقها فإنها مؤمنة)) وهذا دليل على الاكتفاء بالشهادتين في صحة العقد وإن لم يكن عن نظر (١٥٨/ز) واستدلال، بل اكتفى بما فطرت عليه، فإنه عليه الصلاة والسلام لم يسألها من أين علمت ذلك؟ قال النووي رحمه الله في شرحه: وهذا هو الصحيح الذي عليه الجمهور وكذلك قوله صلى الله