للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

منها فجوزوا استناد القديم إلى الفاعل، وقالوا: العالم قديم وإن كان المؤثر فيه الله تعالى وهذه العقيدة الفاسدة أصل لمسائل كثيرة ضلوا فيها وموهوا بها على ما لا قدم له راسخ في الإسلام نسأل الله تعالى العافية.

ص: وله صانع وهو الله الواحد.

ش: العالم كما يدل على أنه محدث يدل على أن له محدثا، لأن الحادث جائز الوجود والعدم، ولا يختص بالوجود دون العدم، إلا بمخصص هو جاعله فوجب أن يكون الخلق لا بد له من خالق وإذا ثبت أن له محدثا، فالدليل على أن الله تعالى الواحد هو المحدث له وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وسئل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن بدء هذا الأمر فقال: ((كان الله ولم يكن شيء غيره ....)) ثم ذكر الخلق وقد سبق من العقل ما ثبت أن أحدنا ليس بقادر على خلق جارحة لنفسه، أو رد سمع أو بصر في حالة كماله وتمام عقله، فلأن يكون في حال كونه نطفة أو عدمها أولى فوجب أن يكون الخالق هو الله، فإن قيل: وهل في العقل دليل على أن صانع العالم واحد؟ قيل: دلالة التمانع المشار إليها في قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ولا يتفق على أحكام ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته. فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض لاستحالة تجزئ الفعل إن فرض الاتفاق أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف (١٦٠/ز) وإما أن لا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما، أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه، والإله لا يكون عاجزا لأنه يلزم منه عجز قديم إذ لا يقوم به الحوادث، والعجز القديم محال لأنه يستدعي معجوزا عنه وإنما يتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>