للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان لم يدرك حقيقة نفسه فكيف يدرك الجبروت؟ وغاية معرفة الإنسان لربه أن يعرف أجناس الموجودات جواهرها وأعراضها المحسوسة، والمعقولة ويعرف أنها مصنوعة ومحدثة، وأن محدثها الذي يصح ارتفاع كلها مع قيامه ولا يصح بقاؤها وارتفاعه، وفي هذا المقام قال الصديق الأكبر رضي الله عنه: سبحان من لم يجعل لخلقه سبيلا إلى معرفته (٨١/ك) إلا بالعجز عن معرفته وهو سبحانه مسمى له أسماء، موصوفا له صفات ولا يعلم ذلك الجلال ولا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره ولولا لطفه ورأفته ورحمته وبره وجميل رضاه وإحسانه وتنزله من عظيم عظمته وعزه إلى قلوب عباده ما استطاع أحد أن يعلم شيئا من علمه، فإنه سبحانه لم يظهر لخلقه من جلال كبريائه سوى أنه مصمود إليه في الحوائج وأما حديث ((من عرف نفسه فقد عرف ربه)) فلم يصح ولو ثبت فقال إمام الحرمين في (الرسالة النظامية): معناه من عرف نفسه بصفات الافتقار عرف استغناء الرب عن صفاته، وقال الغزالي في (المقصد الأسنى): إن قيل ما السبيل إلى معرفته سبحانه بقدر ما يمكن الخلق وقد دعاهم إلى ذلك؟ قيل: يحصل الجواب بمثال وهو أنه لو قال: لنا صبي ما السبيل إلى معرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>