ذلك، قال أبو عمرو وابن الحاجب: وهذا من أحسن الإرشاد إلى الدليل عليهم، قال: ولم يرد بقوله: (إذا سلموا) أنهم قد يمنعونه لأن معتقد ذلك مقطوع بكفره وإنما هو كقول القائل لخصمه وقد قال قولا يلزم منه رد مذهبه إذا قلت كذا لزمك كذا، وإذا سلموا أن الله تعالى علم أن زيدا يموت وليس بقادر على الكفر إلا بما خلق له من القدرة، فأي صلاح له في خلق ما هو السبب المؤدي إلى كفره، وكذلك خلقه في نفسه لأنه تعالى لو شاء لم يخلقه فأي صلاح له في خلقه.
وقال الجنيد: حكمت يوما رجلا من القدرية فلما كان في الليل رأيت في النوم كأن قائلا يقول: ما ينكر هؤلاء القوم أن يكون الله قبل خلقه للخلق علم أن لو خلق الخلق ثم ملكهم أمورهم، ثم رد إليهم الاختيار فلزم كل امرئ منهم بعد أن خلقهم ما علم منهم أنهم له مختارون.
ص: علمه شامل لكل معلوم جزئيات وكليات / (٨٣/ك).
ش: لقوله تعالى: {أحاط بكل شيء علماً} أي: علمه أحاط بالمعلومات كلها {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} وقوله تعالى: {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} وأطبق المسلمون على أن الله تعالى يعلم دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة