للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق من المتكلمين فتحزبوا فرقتين فمنهم من قال: العلم الأول باق فإن العلم بأنه سيوجد نفس العلم بوجوده من زمن الوجود إذ معناه الوجود المضاف إلى زمن ثبوته فيجب أن يكون عند الحصول هو ذلك المعلوم المضاف إلى ذلك الزمن المتوقع، إذ لو كان غيره لبطل العلم بأنه سيوجد أيضا وكان ما علم أنه سيوجد لا يوجد وهو محال، فإذا علمنا بأن زيدا سيدخل الدار غدا فإذا استمر هذا العلم إلى الغد وإلى دخوله فإن بهذا العلم يعلم أن زيدا دخل الآن الدار، وإنما يحتاج الواحد منا إلى علم آخر لأجل طريان الغفلة على العلم الأول، والباري تعالى لما أقنع دلك عليه علمه ومنهم من التزم التغير وقال التغير إنما يمتنع (١٦٤/ز) في الصفات الحقيقة أما الصفات الإضافية فلا، كيف وإذا وجد حادث فإن الله تعالى معه، فإذا أفتى ذلك الحادث بطلب تلك المعية، فدل على وقوع التغير في الإضافيات ولا شك أن التعلقات من باب السبب، والإضافات والتغير في

التعلقات والإضافات لا توجب تغيرا في الذات، ومثل بعض المشيخة لهذا مثالا، فقال: وذلك كحال أسطوانة قائمة ببعض الأماكن قام إنسان عن يمينها فيحسن أن يقول الأسطوانة عن يساره ثم يتحول إلى جانبها الآخر فيقول: صارت عن يمينه، ثم يتحول إلى غيرها فيقول: أمامه، وكذلك سائر الجهات فالأسطوانة لم تتغير، وإنما المتغير هو، ولكن صدقت هذه العبارات عليها لموضع الإضافة، فكذلك وإذا قلنا الله تعالى عالما بما نحن عليه وقد كان سبحانه عالما بما كنا أمس عليه، وسيكون تعالى عالما بما نكون غدا عليه، فليس هذا خبرا عن تغيير= علم الله تعالى بالإخبار عنه بالفعل الماضي والمستقبل والحال بل التغير جار على أحوالنا والرب سبحانه وتعالى أمس واليوم وغدا في معنى كونه عالما في جميع الأحوال على حد واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>