البالغة} أي: على خلقه، حتى أرسل إليهم الرسل بشرائعه وهم يعاقبهم على مخالفة أمره وإرادته الشرعية، وإن وافق ذلك إرادته القدرية، فإذا قال العبد: تقدمت الإرادة بالذنب فلا أعاقب، كان بمنزلة قول المريض: قد تقدمت الإرادة بالمرض فلا أتألم، وهذا مع جهالته فاعتلاله بالقدر ذنب ثان يعاقب، وإنما اعتل بالقدر إبليس حيث قال:{بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض} وتابعه شيعته المشركون فقالوا: {لو شاء الله ما أشركنا} فأما آدم عليه الصلاة والسلام فقال: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وأما قوله لموسى عليهما الصلاة والسلام: أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فحج آدم موسى)) فإنما صح الاحتجاج لوقوعه بعد التوبة وارتفاع اللوم عنه، فهو إخبار منه بالحق المحض على وجه التوحيد والبراءة من الجور وإنما المذموم الاحتجاج بالقدر ومع الإصرار على الذنب على أن