الصحابة رضي الله عنهم فإنهم درجوا على ترك التعرض لمعانيها مع أنهم كانوا لا يألون جهادا في ضبط قواعد المسألة والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر متبوعا أو محتوما لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة وقال ابن القشيري في تفسيره: تعلق قوم باختيار الجهل في ذلك مع دعوى الأخذ بالظاهر ولا يخفى أن الظاهر التشبيه في كل لفظ يوهم التشبيه، فإن اعترف هؤلاء بأنهم لا يشبهون فقد تركوا الظاهر بالضرورة وعند ترك الظاهر فلا مانع من تكلف تأويل ممكن واحتج ابن عطية للمتأولين بأن الكل أجمعوا على تأويل قوله تعالى:{وهو معكم أينما كنتم} أن معناه بقدرته وعلمه وإحاطته قال: وهذه آية أجمعت الأمة على هذا التأويل فيها، وأنها تخرجه عن معنى لفظها المعهود، قال: وتأولهم هذا حجة عليهم في غيره وقال الشيخ عز الدين في بعض فتاويه: وطريق
التأويل بشرطه أقربهما إلى الحق، لأن الله تعالى إنما خاطب العرب بما يعرفونه وقد نصب الأدلة على مراده من آيات كتابه لأنه قال:{ثم إن علينا بيانه} وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {لتبين للناس ما نزل إليهم} وهذا عام في جميع آيات القرآن فمن