والحشوية مع زيادة القول بالقدم، وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: القراءة والمقروءة شيئان متغايران، وهذا معلوم لكل عاقل أنصف ولم يسلك طريق التجاهل والمكابرة لأن المقروء ولم يزل موجودا ولا يزال، والقراءة لم تكن فكانت، لأنه من المحال تقدير وجود قراءة ولا قارئ لها كتقدير فعل ولا فاعل له، وقد نبه الباري على ذلك بقوله تعالى:{إن الذين يتلون كتاب الله} وكان يجري مجرى قوله:
{إن الذين قالوا ربنا (١٧٠/ز) الله} وقوله: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} أفترى القول هو الرب والرب هو القول والأكل هو المال والمال هو الأكل؟ فإذا لم يصح ذلك أن تكون التلاوة هي الكتاب والكتاب هو التلاوة، بل يجب أن تكون التلاوة معنى غير الكتاب فالتلاوة فعل العبد والكتاب هو المقروء الذي هو الكلام الأزلي وبيان ذلك أن حال الصفة حال الموصوف فإذا لم يستحيل أن يكون الموصوف معلوما لنا مذكورا معبودا مع كونه قديما لا يوجب ذلك القرب منه ولا الاتصال ولا الحلول، كذلك الصفة التي هي الكلام القديم يستحيل أن يكون مقروءا لنا محفوظا مكتوبا ولا يوجب ذلك الحلول، قال: وكلام الله تعالى فيما لم يزل قديما غير منزل ولا مقروءا ولا مكتوب= ولا محفوظ=، فلما خلق الخلق وبعث النبي صلى الله عليه وسلم وأوحى إليه منزلا محفوظا مسموعا مكتوبا مسموعا وذلك لا يوجب بغير حاله كما أن القديم سبحانه وتعالى لم يكن في الأزل معبودا ولا مسجودا له ولا معلوما للخلق فلما أوجد الخلق وعلموه وعبدوه وذكروه كان معلوما لهم معبودا مذكورا ولم يوجب ذلك بغير حاله كذلك ههنا.