الآمدي في (الأبكار) والإمام في (المحصول) و (الأربعين) فإنَّه حكى أنه لا يفيده، ثمَّ قالَ: وهذا على إطلاقه ليس بصحيح؛ لأنَّه ربما اقترنت بالدلائل النقلية أمور عرف وجودها بالأخبار المتواترة، وتلك الأمور تنفي هذه الاحتمالات، وحينئذ تكون مفيدة اليقين، انتهى، وبه يعلم غلط من نقل عنه اختيار المنع مطلقاً، نعم كلامه في المعالم يقتضيه، وأشار الشيخ نجم الدين الطوفي إلى أن الخلاف لفظي، فإنَّ ما احتجنا فيه إلى اليقين فقد قرر القرآن نواهيه العقلية كأدلة التوحيد والمعاد وغيرهما، وما عدا ذلك فهو عندَنا من الاجتهاديات، والأدلة اللفظية تفي بإثباته، وإن لم تفد اليقين فاندفع عنا إفادة الدليل اللفظي اليقين أم لا؟ والظاهر أن الخلاف معنوي، ومن فوائده: إذا تعارض السمع وما أدركه العقل من أحكام العقائد، فأيهما يقدم؟ وستأتي هذه المسألة في باب الأخبار إن شاء الله تعالى، وقسم بعض المتأخرين تقسيماً حسناً إلى: نقلية، وغير نقلية، فغير النقلية ثلاثة أضرب: ما اتفق على أنه قطعي، وهو الإجماع المُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وما اتفق على أنه ظني كالاستصحاب، وشرع من قبلنا إذا قلنا بحجيتهما وكذلك دلالة الإشارة والتنبيه ومفهوم المخالفة بأنواعه، وما اختلف فيه كالقياس الجلي ومفهوم الموافقة، وأما النقلية ـ والمراد بها الكتاب والسنة ـ فهي على أربعة أضرب: أحدها ما هو قطعي السند والمتن كالآيات الصريحة، والأحاديث المتواترة المجمع على أن المراد بها مدلولاتها.
وثانيها: ما هو ظنيهما، كأخبار الآحاد التي لم يقترن بسندها شيء مما قيل: