عقليتان ووضعيتان باعتبارين، ومن هنا (٤٢ أ) شكك بعضهم على محل الخلاف، فقالَ: هذا الخلاف لا تحقيق له؛ لأنَّه إن أريد بالوضع، أنه يفيد الاقتصار، فلا خلاف أنه ليس كذلك، وإن أريد تقييد الانضمام، فلا خلاف أنه كذلك، فلم يبق إلا أن يقال: موضوع للهيئة الاجتماعية من الأجزاء أو لا، فعلى الأول يكون الجزء كالشرط للموضوع لا يلاقيه الوضع، وعلى الثاني بخلافه.
تنبيه: ليس لك أن تقول: كيف قالَ المصنف أولا: (دلالة اللفظ)، فجعل الثلاثة لفظية، ثمَّ فصل ثانياً؟ لأنَّه لا خلاف أن الدلالات الثلاثة لفظية، بمعنى أن للفظ فيها مدخلاً وهو شرط في استفادتها منه، وإنما الخلاف في أن اللفظ موضوع لها أم لا.
ص: ثمَّ المنطوق إن توقف الصدق أو الصحة على إضمار فدلالة اقتضاء.
ش: اعلم أن اللفظ يدل على المعنى بطريقين، أحدهما بصيغته، والثاني باقتران أمر به، إذا لحظه المتكلم، استغنى عن التعبير عنه بالتعبير عن ملازمه، وينقسم إلى دلالة اقتضاء وإشارة.
الأول: الاقتضاء، وهو ما يفهم عندَ اللفظ ولا يكون منطوقاً به، ولكن يكون من ضرورة المنطوق به، إما من حيث إنه لا يمكن أن يكون المتكلم صادقاً إلا به، أو أنه لا يثبت الملفوظ به، عقلاً إلا به، أو أنه يمتنع ثبوته شرعاً إلا به، فهذه ثلاثة أقسام، الأول، المقتضى لضرورة صدق المتكلم كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان)) فإنَّه لا بد من تقدير الحكم أو المؤاخذة لتعذر حمله على حقيقته،