للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الرَّأْيِ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، إِنَّ الْعَرَبَ قَدِ ارْتَدَّتْ عَلَى أَعْقَابِهَا كُفَّارًا كَمَا قَدْ عَلِمْتَ، وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُنْفِذَ جَيْشَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ [١] ، وَفِي جَيْشِ أُسَامَةَ جَمَاهِيرُ الْعَرَبِ وَأَبْطَالُهُمْ، فَلَوْ حَبَسْتَهُ عِنْدَكَ لَقَوِيتَ بِهِ عَلَى مَنِ ارْتَدَّتْ مِنْ هَؤُلاءِ الْعَرَبِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ السِّبَاعَ تَأْكُلُنِي فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ لأَنْفَذْتُ جَيْشَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، كَمَا قال النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: (امْضُوا جَيْشَ أُسَامَةَ) [٢] ، قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ الله لَنا ٩: ٥١ [٣] ، وَأَمَّا مَنِ ارْتَدَّتْ مِنْ هَؤُلاءِ الْعَرَبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ لا يُصَلِّي وَقَدْ كَفَرَ بِالصَّلاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي وَقَدْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، وَلا وَاللَّهِ يَا أَبَا حَفْصٍ مَا أُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ لأَنَّهُمَا مَقْرُونَتَانِ.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَوْ أَغْمَضْتَ وَتَجَافَيْتَ عَنْ زَكَاةِ هَؤُلاءِ الْعَرَبِ فِي عَامِكَ هَذَا وَرَفَقْتَ بِهِمْ، لَرَجَوْتُ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: أُمِرْتُ أَنْ أقاتِلَ الناسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إلهَ إِلا اللَّهُ وَإِنِّي محمدٌ رسولُ اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا منِّي دماءَهم وأموالَهم إِلا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله) [٤] .


[ () ] عبد الله الحضرمي ليدعو أهلها إلى الإسلام، فأسلم المنذر بن ساوى وجميع العرب هناك وبعض العجم، وبقي العلاء واليا عليها إلى أن توفي سنة ٢٠ هـ-، فولى عمر مكانه أبا هريرة الدوسي.
(ياقوت: البحرين)
[١] أسامة بن زيد بن حارثة، من كنانة عوف، صحابي جليل، ولد بمكة ونشأ على الإسلام كان أبوه من أول الناس إسلاما، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبه حبا جما، هاجر مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المدينة، وأمّره النبي قبل أن يبلغ العشرين من عمره، فكان مظفرا موفقا، استعمله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على جيش فيه أبو بكر وعمر، ولما توفي الرسول رحل أسامة إلى وادي القرى فسكنه، ثم انتقل إلى دمشق في أيام معاوية ثم عاد إلى المدينة فأقام إلى أن توفي بالجرف سنة ٥٤ هـ-.
(طبقات ابن سعد ٤/ ٤٢، تهذيب ابن عساكر ٢/ ٣٩١- ٣٩٩، الإصابة ١/ ٤٩ الأعلام ١/ ٢٩١) .
[٢] الحديث بلفظ: (أنفذوا جيش أسامة) في كنز العمال ١٠/ ٣٧٤.
[٣] سورة التوبة: ٥١.
[٤] الحديث في: مسلم: إيمان ٣٢- ٣٦، البخاري: إيمان ١٧، ٢٨، صلاة ٢٨، زكاة ١،

<<  <   >  >>