ونقل الحافظ عدة أقوال عن العلماء في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم "خشيت أن يفرض عليكم" ونسب هذا القول الذي مر آنفاً إلى الخطابي، وذكر احتمالا آخر عن الخطابي، وهو: أن الله فرض الصلاة خمسين، ثم حط معظمها بشفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإذا عادت الأمة فيما استوهب لها والتزمت مما استعفى لهم نبيُهم صلى الله عليه وسلم منه لم يستنكر أن يثبت ذلك فرضا عليهم، ثم قال الحافظ: وتلقي هذين الجوابين من الخطابي جماعة من الشراح، كابن الجَوزي، وهو مبني على أن قيام الليل كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم وعلى وجوب الإقتداء بأفعاله وفي كل من الأمرين نزاع، ثم نقل الحافظ أقوال العلماء الآخرين فقال:
١- قال المحب الطبري:" يحتمل أن يكون الله عز وجل أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم: فأحب التخفيف عنهم فترك المواظبة".
وقال:"ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه كما اتفق في بعض القرب التي داوم عليها فافترضت".
وقيل: خشي أن يظن أحد من الأمة من مداومته عليها الوجوب.
والى هذا نحا القرطبي فقال: قوله (فتفرض عليكم) أي تظنونه فرضا فيجب على من ظن ذلك؛ كما إذا ظن المجتهد حل شئ أو تحريمه فإنه يجب عليه العمل به.
قال:"وقيل: كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم إنه إذا واظب على شيء من أعمال البر واقتدى الناس به فيه أنه يفرض عليهم ".
وعلق على هذا الحافظ فقال:" ولا يخفي بعد هذا الأخير، فقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم على رواتب الفرائض وتابعه أصحابه ولم تفرض ".
٢- قال ابن بطال:" يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه صلى الله عليه وسلم لما كان قيام الليل فرضا عليه دون أمته، فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوي الله بينه وبينهم في حكمه، لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته في العبادة ".
قال:" ويحتمل أن يكون خشي من مواظبتهم عليها أن يضعفوا عنها فيعصى من تركها بترك اتباعه صلى الله عليه وسلم ".
٣ – وقال الكرماني:" إن حديث الإسراء يدل على أن المراد بقوله تعالى {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَي} الأمن من نقص شيء من الخمس ولم يتعرض للزيادة ".
٤- وقال البعض: " إن اتلزمان كان قابلا للنسخ فلا مانع من خشية الافتراض وعلق