للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢- حديث ابن عباس: قال "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة"١.

يقال في هذا الحديث مثل القول في حديث عائشة لمن الاقتصار على الركعتين في السفر.

وأما قوله: وفي الخوف ركعة واحدة فقد ذهب إلى ذلك جماعة من السلف وهو الذي فهمه أبو داود فبوب في سننه بقوله: يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون. وممن قال بهذا الحسن والضحاك وإسحاق بن راهوية وقد روى عن الأخير أنه قال: أما عند الشدة فتجزيك ركعة واحدة تومئ بها ايماء. فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة لأنها ذكر الله وأما غيره فقالوا بركعة واحدة.

والجمهور على أن صلاة الخوف كصلاة الأمن في عدد الركعات فإن كانت في الحضر وجب أربع لركعات, وإن كانت في السفر وجب ركعتان ولا يجوز الاقتصار على ركعة واحدة في حال من الأحوال وبه قال من الجمهور: مالك وأبو حنيفة والشافعي هذا ملخص ما قاله الخطابي في معالم السنن٢:ولكن يصلي على حسب الإمكان ركعتين, أي وجه يوجهون إليه رجالاً وركباناً يومئون إيماءً.

وقال أحمد:"كل حديث روى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز" انتهى.

وقد روى عن جماعة من الصحابة أنهم صلوا صلاة الخوف ركعة واحدة. منهم حذيفة, قال ثعلبة ابن زهدم: "كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقال حذيفة: أنا فصلي بهؤلاء ركعة. وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا"٣.

وكذلك روى زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فكانت للقوم ركعة وللنبي صلى الله عليه وسلم ركعتين"٤.

وأما الجمهور فتأولوا هذه الأحاديث: بأن المراد به ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها كما


١ رواه مسلم (١/٤٧٩) وأبو داود (٢/٤٠) والنسائي (٣/١٦٩) وابن ماجه (١/٣٣٩) وأبو عوانه (٢/٥٣٣) كل بطريق أبي عوانة عن بكير بن اخنس عن مجاهد, عن ابن عباس. إلا أن ابن ماجه لم يذكر قوله ((وفي الخوف ركعة)) .
٢ هامش سنن أبي داود (٢/٣٩) .
٣ رواه أبو داود (٢/٣٨) والنسائي (٣/١٦٧) . قال أبو داود: وكذا رواه عبيد الله بن عبد الله, ومجاهد, عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم, وعبد الله بن شقيق عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم, ويزيد الفقير وأبو موسى (رجل من التابعين وليس بالأشعري) جميعاً عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال بعضهم عن شعبة في حديث يزيد الفقير: إنهم قضوا ركعة أخرى. وكذلك رواه سماك الحنفي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك رواه زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فكانت للقوم ركعة. وللنبي صلى الله عليه وسلم ركعة انتهى.
يقول بعض العلماء: إنما ذلك عند شدة الخوف كما روى عن جابر بن عبد الله أنه كان يقول: الركعتان في السفر ليستا بقصر انما القصر واحدة عند القتال.
٤ رواه النسائي (٢/١٦٨) واسناده حسن.

<<  <   >  >>