للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واستمرت طرسوس تقوم بدورها عى رأس الثغور الشامية في تثبيت الإِسلام على حدود الروم، والدفاع عنه طيلة عهد المتوكل (٢٣٢- ٢٤٨ هـ) ، وتم فداء عام ٢٤٠ عند نهر اللامس، بالقرب من طرسوس، وقام به خاقان الخادم، واستمر تبادل الأسرى مدة أربعة أيام، بدل كل نفس نفس، ثم بقي مع خاقان الخادم جماعة من الروم الأسارى، فأطلقهم للروم، حتى يكون له الفضل عليهم١. وتم فداء آخر عام ٢٤١ في بلاد طرسوس، حضره قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد عن إذن الخليفة المتوكل، واستنابة ابن أبي الشوارب. وكانت عدة الأسرى من المسلمين ٧٨٥ رجلاً ومن النساء ١٢٥ امرأة، فقد كانت أم الملك تدورهٍ (تيودوره) قد عرضت النصرانية على من كان في يدها من أسرى المسلمين، وعددهم نحوا من عشرين أيضا، فمن أجابها إلى النصرانية وإلا قتلته. فقتلت اثني عشر ألفاً، وتنصر بعضهم، وبقي منهم هؤلاء الذين فودوا٢.

وفي عام ٢٤٥ هـ أصيبت ثغور الشام ومنها طرسوس بزلازل شديدة٣، فأثر ذلك على قدرتها، ولكن امكانيات الأمة كانت كبيرة فتجاوزت الأزمة.

وتمّ الفداء الثالث في عهد المتوكل عام ٢٤٦ هـ ففودي نحو أربعة آلاف أسير من المسلمين٤. وأمر المتوكل على الله بترتيب المراكب في جميع السواحل، وأن تشحن بالمقاتلة٥ فنالت طرسوس خيرا كثيراً بسبب ذلك، وأصبحت قدرتها البحرية كبيرة إلى جانب قدرتها البرية، وتستطيع الاعتماد على نفسها، وأخذ المبادرة في حركة الجهاد بنفسها.


١ البداية والنهاية ١٠/٣٠٧.
٢ نفسه ١٠/ ٣٢٤.
٣ الكامل ٥/ ٢٩٩، البداية والنهاية ١٠/ ٣٤٦.
٤ البداية والنهاية ١/٣٤٧.
٥ فتوح البلدان ص ١٦٧.

<<  <   >  >>