للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعناه كثرة الرؤية كقول الشاعر:

قد أتركُ القِرْنَ مصفَرّاً أناملُه ... كأنّ أثوابَه مُجّتْ بفرصاد

قال أبو حيان: التكثير مستفاد من لفظ التقلب لأنه مطاوع التقليب، ومن نظر مرة أو ردّد بصره مرتين أو ثلاثاً لا يقال: إنه قلّب، فلا يقال قلّب إلا حيث الترديد كثير.

والتعبير بقوله تعالى: {قَدْ نرى} بمعنى قد رأينا، لأن {قَدْ} تقلب المضارع ماضياً كما يقول النحاة ومنه قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ الله المعوقين} [الأحزاب: ١٨] وقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ} [الحجر: ٩٧] أي قد علمنا.

اللطيفة التاسعة: قال المحققون من أهل التفسير: في قوله تعالى: {قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السمآء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} في هذه الآية تنبيه لطيف على حسن أدبه عليه السلام حيث انتظر الوحي ولم يسأل ربه، وقد أكرمه الله تعالى على هذا الأدب بقبلة يحبها ويهواها فقال تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} وفي سبب محبته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ التوجه إلى المسجد الحرام وترك التوجه إلى بيت المقدس وجوه:

الأول: مخالفةً لليهود حيث كانوا يقولون: يخالفنا محمد ثم يتّبع قبلتنا ولولا نحن لم يدر أين يستقبل.

الثاني: أن الكعبة المشرّفة كانت قبلة أبيه إبراهيم خليل الرحمن.

الثالث: أنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ كان يرغب في تحويل القبلة استمالة للعرب لدخولهم في الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>