للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والابتلاء في اللغة: الامتحان والاختبار.

{يُضِلَّ أعمالهم} : أي فلن يضيع أعمالهم بل ستحفظ وتخلّد لهم، ويُجزون عليها الجزاء الأوفى يوم الدين.

{عَرَّفَهَا لَهُمْ} : أي بيّنها لهم وأعلمهم منازلهم فيها فلا يخطئونها، أو عرّفها لهم في الدنيا بذكر أوصافها كما قال تعالى: {مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ ... } [محمد: ١٥] الآية.

المعنى الإجمالي

يأمر الله سبحانه المؤمنين عند لقاء الكفار في الحرب، الاّ تأخذهم شفقة عليهم، بل ينبغي أن يُحكِّموا السلاح في رقابهم، ويحصدونهم بسيوفهم حصداً، حتى إذا غلبوهم، وقهروهم، وكسروا شوكتهم، عند ذلك عليهم أن يشدوا الوثاق وهو كناية عن وقوعهم أسرى في أيدي المؤمنين، فإذا انتهت الحرب فالمؤمنون عند ذلك بالخيار، إمّا أن يمنّوا على الأسرى فيطلقوا سراحهم بدون عوض، وإمّا أن يأخذوا منهم الفداء ليستعين به المسلمون على مصالحهم، بعد أن تضعف عزائم المشركين وتكسر شوكتهم.

ثم بيّن الله سبحانه الحكمة من مشروعية القتال مع قدرته تعالى أن ينتصر من أعدائه من غير أن تكون حرب بين المؤمنين والكافرين، وتلك الحكمة هي امتحان الناس، واختبار صبرهم على المكاره، واحتمالهم للشدائد في سبيل الله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين} [آل عمران: ١٤٢] .

ثم بيّن الله تعالى بعد ذلك أنّ الذين أكرمهم الله بالشهادة في سبيله، ستحفظ أعمالهم.

وتخلّد لهم، ثم هم بعد ذلك في روضات الجنات يُحبرون وفي ذلك حضّ على الجهاد، وترغيب للخروج في سبيل الله لينال المؤمن إحدى الحسنَيْين: إما النصر والعزة في الدنيا، وإمّا الشهادة في سبيل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>