للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خاتمة البحث:

حكمة التشريع

يدعو الإسلام إلى التثبت في الخبر، وأخذ الحيطة والحذر، في كل أمرٍ من أمور المؤمنين، ليجتنبوا المزالق التي يدبّرها لهم أعداؤهم، ويكونوا على بيّنةٍ من أمرهم، فكم من فتنة حصلت بسبب خبر كاذب، نقله فاسق فاجر؟ وكم من دماء أريقت بسبب فتنةٍ هوجاء، أشعلَ نارَها أناسٌ ماكرون؟ لا يريدون للأمة الخير، ولا يضمرون للمسلمين إلاّ كل شرّ، وبلاءٍ، وفتنة، ليفسدوا عليهم وحدتهم، ويكدّروا عليهم صفاءهم وسرورهم.

لذلك أمر الإسلام بمبدأ كريم فاضل (مبدأ التمحيص) والتثبت من كل خبر، وخاصة خبر الفاسق، الذي لا يقيم حرمةً للدين، ولا يبالي بما يحدث من جراء كذبه وبهتانه، من أضرار فادحة، ونتائج وخيمة، تشلّ حركة المجتمع، وقد تفضي إلى فجيعة عظيمة تودي بحَياة أناسٍ بريئين، كما كان سيحدث في قصة (الوليد بن عقبة) لولا أنّ الله عَزَّ وَجَلَّ أطلع رسوله على جليّة الأمر، بواسطة الوحي المنزل، فكان في ذلك صيانة الدماء البريئة، وحفظ وحدة المسلمين. كما أمر الإسلام بمقاومة الظلم والطغيان، أيّاً كان مصدره، فدعا إلى الإصلاح بين الطوائف المتنازعة، والفئات المتخاصمة، فإن لم ينفع الصلح، ولم تثمر دعوته، كان السيف هو الحكم الفاصل تقاتل به الفئة الباغية، حتى ترجع إلى أمر الله، وتفيء إلى رشدها.

وهذه الخطة الحكيمة التي انتهجها الإسلام قاعدة تشريعية وقائية، لصيانة المجتمع المسلم من الخصام، والتفكك، والاندفاع وراء الأهواء الطائشة، التي لا تجني منها الأمة إلاّ كل شر، وبلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>