ثالثاً: أنه مختص بأيام معدودات، فإنه لو جعله أبداً لحصلت المشقة العظيمة.
رابعاً: أنه خصّه من بين الشهور بالشهر الذي أًنزل فيه القرآن، لكونه أشرف الشهور.
خامساً: إزالة المشقة في إلزامه - فقد أباح تأخيره لمن يشق عله من المسافرين والمرضى، فهو سبحانه قد راعى في فريضة الصيام هذه الوجوه من الرحمة، فله الحمد على نعمه التي لا تحصى.
اللطيفة الخامسة: أفاد قوله تعالى: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} أن الشيخ الكبير والمرأة العجوز يجوز لهما الإفطار مع الفدية، والعرب تقول: أطاق الشيء إذا كانت قدرته في نهاية الضعف، بحيث يتحمل به مشقة عظيمة، وهو مشتق من الطوق وعليه قول الراغب: الطاقة اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقة، وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشيء، وقوله تعالى:{وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}[البقرة: ٢٨٦] أي ما يصعب علينا مزاولته.
والطاقة: اسم لمن كان قادراً على الشيء مع الشدة والمشقة، والوُسْعُ: اسم لمن كان قادراً على الشيء على وجه السهولة، فتنبه له فإنه دقيق.
اللطيفة السادسة: قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} المراد شهود الوقت لا شهود رؤية الهلال، إذ قد لا يراه إلا واحد أو اثنان ويجب صيامه على جميع المسلمين، و (شهد) بمعنى حضر، وفيه إضمارٌ أي من شهد منكم الشهر مقيماً غير مسافر ولا مريض فليصمه، ووضعُ الظاهر موضع الضمير للتعظيم والمبالغة في البيان، أفاده أبو السعود.