ثالثاً - وذهب أكثر الفقهاء إلى أن المرض المبيح للفطر، هو المرض الشديد الذي يؤدي إلى ضرر في النفس، أو زيادةٍ في العلة، أو يُخشى معه تأخر البرء، والسفر الطويل الذي يؤدي إلى مشقةً في الغالب، وهذا مذهب الأئمة الأربعة.
دليل الظاهرية:
استدل أهل الظاهر بعموم الآية الكريمة {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ} حيث أُطلق اللفظ ولم يُقيّد المرض بالشديد، ولا السفر بالبعيد، فمطلق المرض والسفر يبيح الإفطار، حكي أنهم دخلوا على (ابن سيرين) في رمضان وهو يأكل، فاعتلّ بوجع أصبعه.
وقال داود: الرخصة حاصلة في كل سفر، ولو كان السفر فرسخاً لأنه يقال له: مسافر، وهذا ما دل عليه ظاهر القرآن.
دليل الجمهور:
استدل جمهور الفقهاء على أن المرض اليسير الذي لا كلفة معه لا يبيح الإفطار بقوله تعالى في آية الصيام {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العسر} فالآية قد دلت على أن الفرض من الترخيص.
المرض خفيفاً والسفر قريباً فلا يقال إن هناك مشقة رفعت عن الصائم، فأي مشقة من وجع الأصبع والضرس؟
الترجيح: أقول ما ذهب إليه الجمهور هو الصحيح الذي يتقبله العقل بقبول حسن، فإن الحكمة التي من أجلها رُخّص للمريض في الإفطار هي إرادة اليسر، ولا يراد اليسر إلاّ عند وجود المشقة، فأي مشقةٍ في وجع الأصبع، أو الصداع الخفيف والمرض اليسير، الذي لا كلفة معه في الصيام؟ ثمّ إن من الأمراض ما لا يكون شفاؤه إلا بالصيام، فكيف يباح الفطر لمن