للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خاتمة البحث:

حكمة التشريع

مما لا شك فيه أن الصوم له فوائد جليلة، غفل عنها الجاهلون فرأوا فيه تجويعاً للنفس، وإرهاقاً للجسد، وكبتاً للحرية، لا دايع له ولا مبرر، لأنه تعذيب للبدن دون فائدة أو جدوى. . وعرف سرّ حكمته العقلاء والعلماء فأدركوا بعض فوائد وأسراره، وأيّدهم في ذلك الأطباء، فرأوا في الصيام أعظم علاج، وخير وقاية، وأنجح دواء لكثير من الأمراض الجسدية، التي لا ينفع فيها إلا الحمية الكاملة، والانقطاع عن الطعام والشراب مدة من الزمان. ولسنا الآن بصدد معرفة (الفوائد الصحية) للصيام، فإنّ ذلك مرجعه لأهل الاختصاص من الأطباء، ولكننا بصدد التعرف على بعض الحكم الروحية التي هي الأساس لتشريع الصيام - فإن الله عَزَّ وَجَلَّ ما شرع العبادات إلا ليربي في الإنسان (ملكة التقوى) وليعوده على الخضوع، والعبودية، والإذعان لأوامر الله العلي القدير.

الأمر الأول: فالصيام عبودية لله، وامتثال لأوامره، واتقاء لحرماته، ولهذا جاء في الحديث القدسي: «كل عمل آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» فشعور الإنسان بالعبودية لله عَزَّ وَجَلَّ، والاستسلام لأمره وحكمه، وهو أسمى أهداف العبادة وأقصى غاياتها، بل هو الأصل والأساس الذي ترتكز عليه حكمة خلق الإنسان {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العالمين} [الأنعام: ٧١] .

الأمر الثاني: الأمر الثاني من حكمة مشروعية الصيام، هي تربية النفس، وتعويدها على الصبر وتحمل المشاق في سبيل الله، فالصيام يربي قوة العزيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>