للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن جرير: حلف لي عطاء بالله أنه لا يحل للناس الغزو في الحرم، ولا في الأشهر الحرم، إلا على سبيل الدفع.

وذهب الجمهور إلى أن الآية منسوخة، نسختها آية براءة {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: ٥] وقوله تعالى: {وَقَاتِلُواْ المشركين كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً} [التوبة: ٣٦] سئل (سعيد بن المسيب) هل يصلح للمسلمين أن يقاتلوا الكفار في الشهر الحرام؟ قال: نعم.

حجة الجمهور أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غزا (هوازن) بحنين، و (ثقيفاً) بالطائف، وأرسل (أبا عامر) إلى أوطاس ليحارب من فيها من المشركين، وكان ذلك في بعض الأشهر الحرم، ولو كان القتال فيهن حراماً لما فعله النبي عليه السلام.

قال ابن العربي: «والصحيح أن هذه الآية رد على المشركين حين أعظموا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ القتال في الشهر الحرام، فقال تعالى: {وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ. .} فإذا فعلتم ذلك كله في الشهر الحرام تعيّن قتالكم فيه» .

الحكم الثاني: هل الردة تحبط العمل وتذهب بحسنات الإنسان؟

دل قوله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فأولائك حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} على أن الردة تُحبط العملَ، وتُضيع ثواب الأعمال الصالحة، وقد اختلف العلماء في المرتد هل يحبط عمله بنفس الردة، أم بالوفاة على الكفر؟

فذهب مالك وأبو حنيفة إلى أن العمل يحبط بنفس الردّة.

وقال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: لا يبطل العمل إلا بالموت على الكفر.

حجة الشافعي قوله تعالى: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} فقد قيّده بالموت على الكفر، فإذا أسلم بعد الردة لم يثبت شيء من الأحكام، لا حبوط العمل،

<<  <  ج: ص:  >  >>